[b
]list=1][*]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله
إن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، إيماناً منها بالله رب العالمين خالق كل شيء، وواهب كل النعم، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرّمه وجعله في الأرض خليفة، ووكل إليه عمارتها وإصلاحها، وحمّله أمانة التكاليف الإلهية وسخّر له ما في السماوات وما في الأرض جميعاً.
وتصديقاً برسالة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق، رحمة للعالمين ومحرراً للمستعبَدين، ومحطماً للطواغيت والمتألهين والذي أعلن المساواة بين البشر كافة، فلا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى، وألغى الفوارق والكراهية بين الناس، الذين خلقهم الله من نفس واحدة.
وانطلاقاً من عقيدة التوحيد الخالص، التي قام عليها بناء الإسلام ، والتي دعت البشر كافة ألاّ يعبدوا إلاّ الله ولا يشركوا به شيئاً ولا يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، والتي وضعت الأساس الحقيقي لحرية البشر وكرامتهم، وأعلنت تحرير الإنسان من العبودية للإنسان.
وتحقيقاً لما جاءت به الشريعة الإسلامية الخالدة، من المحافظة على الدين والنفس والعقل والعرض والمال والنسل ، وما امتازت به من الشمول والوسطية في كل مواقفها وأحكامها، فمزجت بين الروح والمادة، وأخذت بين العقل والقلب، وقرنت بين المثالية والواقعية، ووازنت بين الحقوق والواجبات، ووفقت بين حرمة الفرد ومصلحة الجماعة، وأقامت الموازين القسط بين الأطراف المتقابلة، فلا طغيان ولا إخسار.
وتأكيداً للدور الحضاري والتاريخي للأمة الإسلامية التي جعلها الله أمة وسطاً أورثت البشرية حضارة عالمية متوازنة وصلت الأرض بالسماء، وربطت الدنيا بالآخرة، وجمعت بين العلم والإيمان، وما يرجى أن تقوم به هذه الأمة اليوم لهداية البشرية الحائرة بين التيارات والمذاهب المتنافسة، وتقديم الحلول لمشكلات الحضارة المادية المزمنة.
ومساهمة في الجهود البشرية المتعلقة بحقوق الإنسان التي تهدف إلى حمايته من الاستغلال والاضطهاد، وتهدف إلى تأكيد حريته وحقوقه في الحياة الكريمة التي تتفق مع الشريعة الإسلامية.
وثقة منها بأنَّ البشرية التي بلغت في مدارج العلم المادي شأواً بعيداً لا تزال في حاجة ماسة إلى سند إيماني لحضارتها وإلى وازع ذاتي يحرس حقوقها.
وإيماناً بأنَّ الحقوق الأساسية والحريات في الإسلام جزء من دين المسلمين لا يملك أحد تعطيلها كلياً أو جزئياً، أو خرقها أو تجاهلها في أحكام إلهية تكليفية أنزل الله بها كتبه، وبعث بها خاتم رسله، وتمّم بها ما جاءت به الرسالات السماوية، وأصبحت رعايتها عبادة، وإهمالها أو العدوان عليها منكراً في الدين، وكل إنسان مسؤول عنها بمفرده، والأمة مسؤولة عنها بالتضامن. إن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي تأسيساً على ذلك تعلن ما يلي:
المادة الأولى:
أ ـ البشر جميعاً أسرة واحدة جمعت بينهم العبودية لله والبنوَّة لآدم، وجميع الناس متساوون في اصل الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف والمسؤولية دون تمييز بينهم بسبب العِرق أو اللَّون أو اللغة أو الإقليم أو الجنس أو الإنتماء السياسي أو الوضع الاجتماعي أو غير ذلك من الاعتبارات.
ب ـ إن الخلق كلّهم عبيد لله، وإنَّ أحبَّهم إليه أنفعهم لعباده، وانه لا فضل لأحد منهم على الآخر إلا بالتقوى.
المادة الثانية:
أ ـ الحياة حق مكفول لكل إنسان ، وعلى الأفراد والمجتمعات والدول حماية هذا الحق من كل اعتداء عليه، ولا يجوز إزهاق روح دون مقتضى شرعي.
ب ـ يحرم اللجوء إلى وسائل تفضي إلى إفناء النوع البشري كلياً أو جزئياً.
ج ـ المحافظة على استمرار الحياة البشرية إلى ما شاء الله واجب شرعي، فلا يجوز الإجهاض دون ضرورة شرعية، ولا الحيلولة دون الزواج أو الإخصاب أو الإنجاب بصورة دائمة بغير هذه الضرورة.
المادة الثالثة:
أ ـ في حالة الحرب أو المنازعات المسلحة لا يجوز قتل من لا مشاركة لهم في القتال كالشيخ والمرأة والطفل. وللجريح الحق في أن يُداوى، وللأسير أن يُطعَم ويُؤوى ويُكسى. ويحرّم التمثيل بالقتلى. ويجوز ـ من حيث المبدأ ـ تبادل الأسرى وتلاقي واجتماع الأسَر التي فرقتها ظروف القتال.
ت ـ لا يُقطع الشجر ولا يُتلَف الزرع والضرع، ولا تُخرّب المباني والمنشآت للعدو بقصف أو نسف أو غير ذلك إلاّ لضرورة شرعية مقتضية.
المادة الرابعة:
لكل إنسان حرمته بعد موته ، والحفاظ على سمعته، وعلى الدولة والمجتمع حماية جثمانه ومدفنه.
المادة الخامسة:
الأسرة هي الأساس في بناء المجتمع، والزواج أساس كيانها:
أ ـ للرجال والنساء الحق في الزواج، ولا تحول دون تمتعهم بهذا الحق قيود منشؤها العرق أو اللون أو الجنسية.
ب ـ على المجتمع والدولة إزالة العوائق أمام الزواج وتيسير سبله، وحماية الأسرة ورعايتها.
المادة السادسة:
أ ـ المرأة مساوية للرجل في الكرامات الإنسانية، لها من الحقوق مثل ما عليها من الواجبات، ولها شخصيتها المدنية، وذمتها المالية المستقلة وحق الاحتفاظ باسمها ونسبها.
ب ـ على الرجل عبء الإنفاق على الأسرة ومسؤولية رعايتها وفقاً لما تعنيه كلمة القوامة للرجال في الشريعة الإسلامية .
المادة السابعة:
أ ـ لكل طفل منذ ولادته حق على الأبوين والمجتمع والدولة في الحضانة والتربية والرعاية المادية والأدبية، كما تجب حماية الأمومة وإعطاؤها عناية خاصة.
ب ـ للآباء الحق في اختيار نوع التربية التي يريدون لأولادهم، مع وجوب مراعاة مصلحتهم ومستقبلهم في ضوء القيم الأخلاقية والأحكام الشرعية.
ج ـ للآباء على الأبناء حق الأبوَّة، وللأقارب حق على ذويهم وفقاً لأحكام الشريعة.
المادة الثامنة:
لكل إنسان الحق في التمتع بجنسية، ولا يجوز حرمانه من جنسيته بشكل تعسفي.
المادة التاسعة:
لكل إنسان التمتع بشخصيته الشرعية من حيث الإلزام والإلتزام، وإذا فُقدت أهليَّته أو انتقصت قام وليُّه مقامه.
المادة العاشرة:
أ ـ طلب العلم فريضة، والتعليم واجب على الدولة، وعليها تأمين سبله ووسائله، وضمان تنوعه، بما يحقق مصلحة المجتمع، ويتيح للإنسان معرفة دين الإسلام وحقائق الكون ، وتسخيرها لخير البشرية.
ب ـ من حق كل إنسان على مؤسسات التربية والتوجيه المختلفة كالأسرة والمدرسة والجامعة، وأجهزة الإعلام أن تعمل على تربية الإنسان دينياً ودنيوياً تربية متكاملة ومتوازنة، بحيث تنمي شخصيته، وتعزز إيمانه بالله واحترامه للحقوق والواجبات وحمايتها.
المادة الحادية عشرة:
لما كان على الإنسان أن يتبع الإسلام دين الفطرة فإنه لا يجوز ممارسة أيِّ لون من ألوان الإكراه ليترك دينه هذا إلى دين آخر، أو إلى الإلحاد. كما لا يجوز استغلال فقره أو جهله لتغيير دينه.
المادة الثانية عشرة:
أ ـ يولد الإنسان حراً وليس لأحد أن يستعبده أو يذله أو يقهره أو يستغله، ولا عبودية لغير الله تعالى.
ب ـ الإستعمار محرَّم تحريماً قاطعاً، وهو من أسوأ أنواع الإستبداد، وللشعوب التي تعانيه الحق الكامل في التحرر منه وتقرير المصير. وعلى جميع الدول والشعوب واجب النصرة لهم في كفاحهم لتصفية كل أشكال الاستعمار أو الاحتلال، ولجميع الشعوب الحق في السيطرة على ثرواتها ومواردها الطبيعية.
المادة الثالثة عشرة:
لكل إنسان الحق في حرية التنقل ، واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها. وله ـ إذا اضطهد ـ حق اللجوء إلى بلد آخر، وعلى البلد الذي لجأ إليه أن يجيره حتى يبلغه مأمنه، ما لم يكن موجب اللجوء اقتراف فعل يعتبر مخالفاً للمقتضيات الشرعية.
المادة الرابعة عشرة:
العمل حق تكفله الدولة والمجتمع لكل قادر عليه، وللإنسان حرية اختيار العمل اللائق به مما تتحقق به مصلحته ومصلحة المجتمع ، وللعامل حقه في كافة الضمانات المتعلقة بالأمن والسلامة، ولا يجوز تكليفه بما لا طاقة له به، أو استغلاله ، أو الإضرار به، وله أن يتقاضى أجراً عادلاً مقابل عمله دون تأخير، وله الإجازات والعلاوات والترقيات التي يستحقها ، وهو مطالب بالإخلاص والإتقان. وإذا اختلف العمال وأصحاب العمل، فمن حقهم على الدولة أن تتدخل لرفع الظلم وإقرار الحق والإلزام بالعدل دون تحيّز.
المادة الخامسة عشرة:
للإنسان الحق في التجارة المشروعة، دون احتكار أو غش أو إضرار بالغير.
المادة السادسة عشرة:
أ ـ لكل إنسان الحق في التملك بالطرق الشرعية (سواء وحده أو بإشتراك مع غيره)، كما أن له التمتع بحقوق الملكية بما لا يضر به أو بغيره من الأفراد أو المجتمع، ولا يجوز نزع الملكية إلاّ للمنفعة العامة ومقابل تعويض فوري عادل.
ب ـ تحرم مصادرة الأموال في كل الأحوال إلاّ بمقتضى شرعي.
المادة السابعة عشرة:
لكل إنسان الحق في الإنتفاع بثمرات إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني أو التقني، ولكل من ساهم في ذلك الإنتاج الحق في حماية مصالحه الأدبية والمالية الناشئة عنه على أن يكون هذا الإنتاج غير مناف لمبادئ الشريعة أو القيم أو الأخلاق.
المادة الثامنة عشرة:
أ ـ لكل إنسان على مجتمعه ودولته حق الرعاية الصحية والاجتماعية، وتهيئة جميع المرافق العامة التي يحتاج إليها في حدود الإمكانات المتاحة.
ب ـ تكفل الدولة لكل إنسان حقه في عيش كريم يحقق له تمام كفايته وكفاية من يعوله، ويشمل ذلك المأكل والملبس والمسكن والتعليم والعلاج وسائر الحاجات الأساسية.
المادة التاسعة عشرة:
أ ـ لكل إنسان الحق في أن يعيش آمناً على نفسه وأهله وعرضه وماله.
ب ـ وللإنسان الحق في الاستقلال بشؤون حياته الخاصة في مسكنه وأسرته وماله واتصالاته، ولا يجوز التجسس عليه، أو الرقابة، أو الإساءة إلى سمعته. ويجب على الدولة حمايته من كل تدخل تعسفي، وذلك كله ضمن أحكام الشريعة الإسلامية.
ج ـ للمسكن حرمته في كل حال، ولا يجوز هدمه أو مصادرته أو تشريد أهله منه، ولا يجوز دخوله بغير إذن أهله أو بصورة غير مشروعة.
المادة العشرون:
أ ـ المسؤولية في أساسها شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنصٍّ.
ب ـ المتهم بريء حتى تثبت إدانته بمحاكمة عادلة تؤمّن له فيها كل الضمانات الكفيلة بالدفاع عنه.
المادة الحادية والعشرون:
لا يجوز بغير موجب شرعي القبض على إنسان أو تقييد حريته، أو نفيه أو عقابه، أو القيام بالتعذيب البدني أو النفسي له، أو أي نوع من المعاملات المذلة أو القاسية أو المنافية للكرامة الإنسانية. كما لا يجوز إخضاع أي فرد للتجارب الطبية أو العلمية إلا برضاه وبشرط عدم تعرض صحته وحياته للضرر، كما لا يجوز سن القوانين الإستثنائية التي تخول ذلك للسلطات التنفيذية.
المادة الثانية والعشرون:
أ ـ لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير بكل وسيلة وفي حدود المبادئ الشرعية.
ب ـ لكل إنسان الحق في الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وله أن يشترك مع غيره من الأفراد أو الجماعات في ممارسة هذا الحق وذلك كله وفقاً للشريعة الإسلامية، وعلى الدولة والمجتمع تقديم العون والحماية اللازمين.
ج ـ الإعلام ضرورة حيوية للمجتمع، ويحرم استغلاله وسوء استعماله وكل ما من شأنه الإخلال بالقيم أو شيء يعود على المجتمع بالتفكك أو الإنحلال أو الضرر أو زعزعة الإعتقاد.
د ـ لا تجوز إثارة الكراهية القومية أو العنصرية أو كل ما من شأنه أن يؤدي إلى التحريض على التمييز العنصري بكافة أشكاله.
المادة الثالثة والعشرون:
أ ـ الناس سواسية أمام الشرع، يستوي في ذلك الحاكم والمحكوم.
ب. حق اللجوء إلى القضاء مكفول للجميع.
المادة الرابعة والعشرون:
أ ـ حرية المجتمع واجبة لضمان الحقوق الأساسية للإنسان، والولاية أمانة يحرم الإستبداد فيها وسوء استغلالها تحريماً قاطعاً.
ب ـ لكل إنسان حق الإشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن له الحق في تقلد الوظائف العامة وفقاً للأحكام المرعية.
المادة الخامسة والعشرون:
كل الحقوق والحريات المقررة في هذه الوثيقة مقيدة بأحكام الشريعة الإسلامية.
المادة السادسة والعشرون:
الشريعة الإسلامية هي المرجع الوحيد لتفسير أو توضيح أي مادة من مواد هذه الوثيقة.
المادة السابعة والعشرون:
تعمل الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتطبيق أحكام هذا الإعلان
[[/b]